جمـع القـرآن بمعنـى كتـابتـه علـى عهـد الـرسـول ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كُتَّاباً للوحى من أجلاَّء الصحابة، كعلىّ، ومعاوية، وأبَيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، تنزل الآية فيأمرهم بكتابتها، ويرشدهم إلى موضعها من سورتها، حتى تُظاهر الكتابة في السطور، الجمع في الصدور، كما كان بعض الصحابة يكتبون ما ينزل من القرآن ابتداءً من أنفسهم، دون أن يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم، فيخطونه في العسب، واللَّخاف، والكرانيف، والرقاع، والأقتاب، وقطع الأديم، والأكتاف(
عن زيد بن ثابت قال: " كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نُؤلَّف القرآن من الرقاع "
وهذا يدل على مدى المشقة التي كان يتحملها الصحابة في كتابة القرآن، حيث لم تتيسر لهم أدوات الكتابة إلا بهذه الوسائل، فأضافوا الكتابة إلى الحفظ.
وكان جبريل يعارض رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن كل سنة في ليالى رمضان، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة "(متفق عليه)
وكان الصحابة يعرضون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لديهم من القرآن حفظاً وكتابة كذلك.
ولم تكن هذه الكتابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مجتمعة في مصحف عام، بل عند هذا ما ليس عند ذاك
وقد نقل العلماء أن نفراً منهم: علىّ بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، وأبَيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن مسعود ـ قد جمعوا القرآن كله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر العلماء أن زيد بن ثابت كان عرضه متأخراً عن الجميع.
وقُبِضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن محفوظ في الصدور، ومكتوب في الصحف على نحو ما سبق، مفَّرق الآيات والسور، أو مرتب الآيات فقط وكل سورة في صحيفة على حدة، بالأحرف السبعة الواردة
ولم يُجمع في مصحف عام، حيث كان الوحي يتنزل تباعاً فيحفظة القرَّاء، ويكتبه الكتبة
ولم تدع الحاجة إلى تدوينه في مصحف واحد، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يترقب نزول الوحي من حين لآخر، وقد يكون منه الناسخ لشيء نزل من قبل، وكتابة القرآن لم يكن ترتيبها بترتيب النزول بل تُكتب الآية بعد نزولها حيث يشير صلى الله عليه وسلم إلى موضع كتابتها بين آية كذا وآية كذا في سورة كذا، ولو جُمِعَ القرآن كله بين دفتى مصحف واحد لأدى هذا إلى التغيير كلما نزل شيء من الوحي
قال الزركشي: " وإنما لم يُكتب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مصحف لئلا يُفضى إلى تغييره في كل وقت، فلهذا تأخرت كتابته إلى أن كمل نزول القرآن بموته صلى الله عليه وسلم "
وبهذا يُفسِّر ما رُوِىَ عن زيد بن ثابت، قال:" قُبِضَ النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن القرآن جُمِعَ في شيء"
أي لم يكن جُمِعَ مرتب الآيات والسور في مصحف واحد
قال الخطابي: "إنما لم يجمع صلى الله عليه وسلم القرآن في المصحف لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته، فلما انقضى نزوله بوفاته ألهم الله الخلفاء الراشدين ذلك، وفاءً بوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة( إشارة إلى قوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾)
فكان ابتداء ذلك على يد الصدِّيق بمشورة عمر" (أنظر الأتقان )
ويسمى هذا الجمع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:
(أ) حفظاً. (ب) وكتابة: " الجمع الأول ".
تــابع 000