بعض بدعة ليلة ختم القرآن ..
ومما أحدث في هذا الشهر العظيم : رفع الصوت بالدعاء بعد ختم القرآن ، ويكون هذا الدعاء جماعياً ، أو كل يدعو لنفسه ، ولكن بصوت عال ، مخالفين بذلك قوله تعالى :
" ادعوا ربكم تضرعاً وخفيه ) سورة الأعراف 55
وهذا الشهر العظيم موضع خشوع وتضرع وابتهال ، ورجوع إلى الله سبحانه وتعالى بالتوبة النصوح الصادقة مما قارفه من الذنوب ، والسهو والغفلات والتقصير في الطاعة فينبغي أن يبذل الإنسان جهده ، كل على قدر حاله ، ويدعو الله بالأدعية الصحيحة المأثورة عن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين والسلف الصالح ، والتي تخلو تماماً من دعاء غير الله أو التوسل به .
وسرية الدعاء أحرى للإخلاص فيه ، بعيداً عن الرياء والسمعة ، فعندما رفع الصحابة أصواتهم بالدعاء قال لهم النبى صلى الله عليه وسلم :
" يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم ، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً ، إنه معكم ، إنه سميع قريب ، تبارك اسمه ، وتعالى جده " رواه البخاري
ومن البدع التي أحدثت في ليلة ختم القرآن :
1. اجتماع المؤذنين تلك الليلة فيكبرون جماعة في حال كونهم في الصلاة ، لغير ضرورة داعية إلى السمع الواحد ، فضلاً عن جماعة ، بل بعضهم يسمعون ولا يصلون ، وهذا فيه ما فيه من القبح والمخالفة لسنة السلف الصالح _ رحمة الله عليهم
2. أنه إذا أخرج القاريء من الموضع الذي صلى فيه ، أتوه ببغلة أو فرس ليركبها ، ثم تختلف أحوالهم في صفة ذهابه إلى بيته ، فمنهم من يقرأ القرآن بين يديه ، كما يفعلون أما جنائزهم من عاداتهم الذميمة ، والمؤذنون يكبرون بين يديه كتكبير العيد
قال ابن الحاج : " قال القاضي أبو الوليد بن رشد _ رحمه الله تعالى _ كره مالك قراءة القرآن في الأسواق والطرق لوجوه ثلاثة :
أحدهما تنزيه القرآن وتعظيمه من أن يقرأه وهو ماش في الطرق والأسواق ، لما قد يكون فيها من الأقذار والنجاسات .
الثاني : أنه إذا قرأ القرآن على هذه الأحوال لم يتدبره حق التدبر
الثالث : لما يخشى أن يدخله ذلك فيما يفسد نيته .
3. سير الفقراء الذاكرين بين يدي القاريء ، إلى أن يصل إلى بيته ، ومنهم من يعوض ذلك بالأغاني ، وهو أشد هذه الأمور وإن كانت كلها ممنوعة .
4. ضرب الطبل والأبواق والدف أو الطار امام القاريء أثناء سيره إلى بيته
5. وربما جمع بعضهم الأمور السابقة كلها أو أكثرها ، ويكون في ذلك من اللهو واللعب ما هو ضد المطلوب في هذه الليلة ، من الاعتكاف على الخير ، وترك الشر والمباهاة والفخر ونحو ذلك .
6. عمل بعض أنواع الأطعمة والحلاوات لهذه المناسبة .
7. زيادة وقود القناديل الكثيرة الخارجة عن الحد المشروع ، ولما في ذلك من إضاعة المال ، والسرف والخيلاء .
8. استعمال الشمع للوقود في أوان من ذهب أو فضة ، ولا يخفى تحريم استعمالهما لعدم الضرورة إليهما .
9. تعليق ختمه عند الموضع الذي يختمون فيه ، فمنهم من يتخذها من الشقق الحرير الملونة ( فالشقة جنس من الثياب ) ، ومنهم من يتخذها من غيرها ، لكنها ملونة أيضاً ، ويعلقون فيها القناديل ، وما في ذلك من السرف والخيلاء وإضاعة المال والرياء والسمعة وإستعمال الحرير .
10. ومنهم من يستعير القناديل من مسجد آخر وهي وقف عليه ، فلا يجوز إخراجها منه ، ولا استعمالها في غيره .
11. أن هذا الاجتماع يفضي إلى اجتماع أهل الريب والشك والفسوق ، وومن لا يرضى حاله ، حتى جرّ ذلك إلى اختلاط النساء بالرجال في موضع واحد ولا يخفى ما في ذلك من الضرر العظيم .
12. كثرة اللغط في المسجد ورفع الأصوات فيه ، والقيل والقال، إذ أنه يكون الإمام في الصلاة ، وكثير من الناس يتحدثون ويخوضون في أشياء ينزه المسجد عن بعضها .