جيل تايه ياولاد الحلال

عم شاكر .
علامة من علامات ثلاثة أحياء كبيرة من المدينة التي أسكن فيها . لايوجد فيهم صغير أو كبير شاب أو فتاة رجل أو امرأة إلا ويعرفه لشهرته بين الناس فكل الناس يرونه بين حين وآخر إما راكبا دراجة هواءية ( عجلة ) أمام أحد الناس .
أو يركب دراجة بخارية(فيزبا).ا خلف رجل آخر . وآخر صيحة له أني رأيته يقف على ظهر سيارة ربع نقل .
تلك الشهرة التي اكتسبها جاءته من خلال عمله حيث أنه مشهور بيننا بعم شاكر المنادي يستأجره الناس لينادي لهم على أطفالهم الذين ضاعوا منهم أو خرجوا من منزلهم فضلوا الطريق بحيث لا يستطيعون العودة للبيت إلا من خلال استدلال أهلهم عليهم . وغالبا ما يكون هذا الاستدلال عن طريق عثور رجل أو امرأة من أهل الخير على هذا الطفل الصغير أو تلك الطفلة الصغيرة في الطريق يستوقفهم بعض صبيان الحي أو بناتهم ليسألوهم عن اسم بابا أو اسم الشارع اللي ساكنين فيه أو حتى اسم أقرب بقال بابا وماما بيجيبوا لهم منه الشيبسي والبونبوني ليستدلوا من خلال الإجابات على شئ يقربهم من التعرف على المكان الذي يقيمون فيه .
فإما أن يكون الطفل يجيد الكلام ويجيب فيستدل أهل الخير هؤلاء على المكان ويذهبون به لبيته ليوصلوه لأبيه وأمه وأهله .
أو تكون الإجابة بكاءا يقطع قلوب أهل الخير فيتطوع أحدهم بأخذالطفل عنده ليحدث ما تحدثنا عنه آنفا .
وهو أن يستمعوا لصوت عم شاكر الجهوري العالي الذي يجوب الطرقات والأزقة والشوارع على أحد هذه الأشكال الثلاثة السابقة وبهذا النداء الشهير جدا والمأثور عنه أيضا
( عيل تايه يا ولاد الحلال )
لأسمع بين وقفاته همهمات أمي وهي تردد مبتهلة .
يارب دلهم عليه يارب دلهم عليه .
هنا يجوب الصوت لمكان هذا الإنسان الخير فينطلق ليوقف عم شاكر ويسلم الطفل لأهله بين نصائح لاذعة لمن يهمه أمره .
في وقت متأخر من الليل وقبيل الفجر بقليل هاجمني التفكير من كل حدب وصوب ليؤرق علي نومي سويعات قبل الاستيقاظ لصلاة الفجر وكلما طردت التفكير عني باغتني بنفس السؤال فأتحير في الإجابة فلا أستطيع النوم حتى سمعت هذا الصوت الجهوري العالي الذي يجوب الحي بل والأحياء المجاورة .
لم يكن هذا الصوت في هذه المرة هو صوت عم شاكر المنادي وإنما هو صوت المؤذن بالنداء المشهور والمأثور أيضا
( الصلاة خير من النوم )
قطعت التفكير لأتوضأ وأصلي بالمسجد المجاور لمنزلي .
انتهت الصلاة وتحلقنا حول الشيخ محمد ليعلمنا مما علمه الله انتهى الدرس وانفض المصلون وبقي الإمام وبعض الشباب العامل لهداية الناس للخير .
فطرحت عليهم السؤال الذي أرقني وسرق النوم من عيني في تلك الليلة .
إلا قولوا لي ... أين أبناء المسلمن في سن الثانية عشر إلى سن السابعة عشر لماذا لا أرى هذا الجيل بالمسجد أبدا لا صيفا ولا شتاءا إلا ما ندر في بعض الصلوات أو صلاة الجمعة . لماذا لا يصلون وأين هم وقت الصلاة ؟
سكتنا جميعا وطأطأنا رؤوسنا للأرض ولم نجد إجابة .
فاجأني إمام المسجد قائلا موجودين في النت وعلى النواصي حاولت التأكد بنفسي وقفت بعد كل صلاة بالمسجد وبكل المساجد التي أصلي فيها على الباب أحيانا ومطوحا ببصري بالمسجد أحيانا أخرى يمنة ويسرة لأرى كم شاب يصلي معنا في هذا السن فأتتني الحقيقة المخزية أن المحصلة صفر فتحققت من الأمر أكثر بأن سألت معظم من قابلت عن هذه الظاهرة من أناس يصلون في مساجد شتى فكان التأكيد بأن هذا السن سن من فترة التعليم الإعدادي والتعليم الثانوي غير موجودين بمساجد المسلمين .
من يومها أصابني الهم والغم والكرب وأخذت أنشر الموضوع وأبث شكواي لكل مخلص محب للدين والوطن لأستدل على أسباب هذه الكارثة الإنسانية وطرق التغلب عليها لكي نبحث جميعا معا عن هذا الجيل التائه ونعمل جميعا على عودته لبيته الآمن حتى وإن اضطررنا جميعا لأن ننادي بالشوارع والطرقات والأزقة بصوت جهوري مرتفع مثل عمنا شاكر ونقول :
( جيل تايه ياولاد الحلال )
حتى يعيد الله لنا هذا الجيل الذي فقدناه . فهل من مجيب ؟
منقول